Monday, November 26, 2012

فلسفة سمو الرئيس



تابعت كما تابع البعض المؤتمر الكارثي لسمو الرئيس فيحتار الشخص بأي نقطة يستحق التعليق عليها وبأي نقطة نبدأ بها فالمؤتمر بأكمله يستوجب طبعة جديدة من كتاب عالم صوفي وتاريخ الفلسفة .

يقال أن لا قيمة لأي سلاح تمتلكه إن كنت لا تُجيد التصويب ولا تعرف الوقت المناسب لاستخدامه ، صوب بشكل جيد نحو الهدف وسدد بشكل متقن قبل أن تُطلق كلماتك

فالحكومة لم تستفد من الاعلام الموالي لها ولا بكتابها المرتمين بأحضانها بل يومياً يتسع الفارق بينها وبين خصومها ويزداد أعداد المنضمين للتيار المضاد لها بسبب تلك السياسات الخاطئة التي تقوم بها

من المؤسف جداً أن تكون نظرة سمو الرئيس عن رداءة مستوى الاداء في الاجهزة الحكومية بسبب الخوف والرهبة والاتهامات ،  عجبت لهذا التحليل ان كان يطلق عليه تحليل فهل الحكومة تعتمد على الاحاديث الجانبية بدلا من الدراسات والبحوث التي تبرمها مع الجهات الاستشارية ؟ مكامن الخلل تكتب في التقارير وتوضح أسبابها وطرق علاجها ويأتي من يترأس السلطة التنفيذية ليبررها بالخوف والرهبة !

لم تتوقف فلسفة الرئيس عند هذا الحد بل وصلت لفلسفة الدستور حيث يقول أن فلسفة الدستور الكويتي لا تحبذ أن تكون هناك أغلبية سواء في المجلس أو في الحكومة ! أمر مضحك فعلا أن يخرج هذا المنطق من نائب رئيس مجلس الوزراء لحكومة مجلس 2009 المهيمن على أغلبية مطلقة لم يعهدها مجلس أمة من قبل وكيف استفاد هو فعلا من تلك الاغلبية لتمرير العديد من القوانين و الخروج من الاستجوابات بإنتصار سياسي مُزيف متجاوزاً تُهم ايداعات ورشاوي سياسية حققت فيها النيابة العامة وتناسى انتفاضة الشعب في الساحة لإسقاط هذا المجلس واسقاط اغلبيته .

كيف لسمو الرئيس أن يتغنى بفلسفة الدستور و لا يعلم أن الدستور شرعن الاغلبية بتمرير القوانين و اغلبية لحضور الجلسات و اغلبية لتعديل الدستور وأغلبية لطرح الثقة بوزير واغلبية للتصويت لعدم التعاون مع رئيس الوزراء ؟

  ختاما ياسمو الرئيس لقد ذكر في المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي ان رقابة الرأي العام التي لا شك في أن الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها و يوفر مقوماتها وضماناتها ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في شعبية الحكم وهذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفي على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية فتكفل لهم الى جانب الحق السياسي مختلف مقومات الحرية الشخصية ...


فهل انتم مستعدين لقراءة باقي مواد الدستور ومذكرته التفسيرية ام تكتفون ببعض المواد ؟

يقول غوته : الذي لا يعرف أن يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة يبقى في العتمة .

Wednesday, November 7, 2012

وعـاظ السـلاطـين


قد يختلف الزمان والمكان لكن الفعل هو نفسه وحتى أكـون منصفاً قد لا يكون هذا البوست مخصصاً للحديث عن الشأن المحلي ولكنه اسقاط حول العديد من الأنظمة في محيطنا الخارجي .

مصطلح الوعاظ اقتصر تعريفه في عالمنا الاسلامي حول شخصية الشيخ الاسلامي الجالس بجانب السلطان والذي دائماً يهتز رأسه وينطرب بأحاديث مولاه السلطان مردداً أحسنت القول والفعل ومن منا يفكر هكذا أما الآن فتعددت تلك الشخصيات ولم تقتصر على تلك النوعية ، فأصبح أهل الاعلام وغيرهم يشاركون السلطان تفكيره ويساندون أفعاله سواء بالثناء أمامه أم بالتبجيل في وسائلهم الاعلامية .

لنأخذ مثال على واقعنا فلدينا أم الدنيا مصر فأغلبنا يتذكر كيف كان الاعلام يُقدس فخامة الرئيس حسني وكيف كان يعتبر حزبه الحاكم حزب الاصلاح وحزب محاربة الفساد والفاسدين ونتذكر أيضاً ذلك المذيع الذي ينعت المعارضين بأبشع الألفاظ مستغرباً جرأتهم حول الحاكم العادل المؤمن الرحيم ، وما ان سقط ذلك النظام تبدل حال الاعلام وحال ذلك المذيع المنافق أيضاً ومندداً بجرائمهم السابقة ومطالبته القضاءبالعقوبات المشددة حول ذلك الحزب الفاجر .

وعندما نتسائل لماذا حدث الربيع العربي ولماذا نجد بمخيلة البعض مصلح الثورة ؟

نظرة سريعة على الخريطة وعلى الواقع ستجد أن ما يقوم به "الوعاظ" هو أشد وأقسى فعلاً من السلاطين فتراهم يجيدون الكلمات المصفصفة بدءاً من " كله تمام يا فندم " ومروراً ب " الشعب مش ناقصه غير ابتسامة حضرتك " .

ف الوعاظ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصلحته ومصلحته هي من تقرر ارتباطه مع النظام ام الانقلاب عليه لذلك دائماً ما تتكرر الجملة المشهورة "ابتعد عن نصيحة الشخص الذي يرتبط معك بنصيحة مؤقتة أم دائمة " .

ولقد أستمتعت شخصياً بالأمثلة الواردة بكتاب وعاظ السلاطين وأستنتجت منه أن مصطلع الوعاظ يرتبط بمفهوم الازدواجية فالكثير ممن يمتلك هذه الصفة هم من يحمل الازدواج الشخصي فتراه يناقض ما يقوله ويقيس الأفعال على الأشخاص لا الأفعال فبنظره يجوز للسلطان بما لا يجوز لغيره وأيضاً قد يكون السلطان مزدوج الشخصية فعندما يتحدث في المجالس والخطب عن الحقوق والعدالة والمساواة بين العامة تجده يخالف ما يقوله في عمله ، لذلك يحرص البعض على النظر لمن هم بقرب ذلك السلطان عند حديثه عن العدالة فنظراتهم تدل على فعل ذلك السلطان .

فعلى سبيل المثال يُذكر أن الخليفة العباسي يتبع طريق الازدواج فهو في وقت الموعظة من أشد الناس خشوعاً وتعففاً وزهداً أما حين يجلس في الديوان وينظر في أمر الخراج وتعيين الولاة فهو لا يختلف عن جالوت بشيء.

لذلك وجود السلطان المزدوج شخصياً يعادل ما يقوم به وعاظ السلطة أو منافقها فيحكى أيضاً أن في عهد هارون الرشيد حيث أستدعى ذات مرة ابن السماك الواعظ المشهور فلما دخل عليه قال له هارون "عظني" فقال يا أمير المؤمنين اتق الله واحذره لا شريك له واعلم انك واقف غداً بين يدي الله ربك ثم مصروف الى احدى منزلتيه لا ثالث لهما جنة ونار فبكى الرشيد حتى اخضلت لحيته بالدموع ، فأقبل الفضل بن الربيع على الواعظ معاتباً وهو يقول سبحان الله هل يخاجلك شك في ان أمير المؤمنين مصروف الى الجنة _ ان شاءالله _ لقيامه بحق الله وعدله في عباده ؟

فالتفت الواعظ الى الرشيد قائلاً وهو يشير الي الفضل ان هذا ليس معك ولا عندك في ذلك اليوم فاتق الله وانظر لنفسك .

فبكى الرشيد بكاءً مُراً حتى أشفق الحاضرون عليه .

وفي النهاية نستخلص بتلك القصص القديمة بأنه مادام السلطان محاطاً بالفقهاء والوعاظ وهم يؤيدونه فيما يفعل ويدعون له بطول البقاء فمتى يستطيع أن يحس بأن هناك أمة ساخطة !!